السلام عليكم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
يقول الحق سبحانه وتعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا"
في هذه الآية الكريمة يوجه الحق سبحانه وتعالى نداء عاما إلى المؤمنين ينهاهم فيه عما كان شائعا في الجاهلية من ظلم للنساء، وإهدار لكرامتهن، ويأمرهم بحسن معاشرتهن، وبعدم أخذ شيء من حقوقهن. وقد تعددت الروايات وأقوال المفسرين في سبب نزول هذه الآية الكريمة، حيث روى البخاري عن ابن عباس قوله: كانوا إذا مات الرجل يعتبرون أنفسهم أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها وإنشاءوا لم يزوجوها، فهم يعتقدون أنهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية.
وقيل: كان من عاداتهم إذا مات الرجل يلقي ابنه من غيرها أو أقرب عصبةثوبه على المرأة فيصير أحق بها من نفسها ومن أوليائها فإن شاء تزوجها بغير صداق وإنشاء زوجها من غيره وأخذ صداقها ولم يعطها شيئا، فأنزل الله هذه الآية.
وقيل: كان يكون عند الرجل امرأة عجوز ونفسه تتوق إلى شابة فيكره فراق العجوز لمالهافيمسكها ولا يقربها حتى تفتدي منه بمالها أو تموت فيرث مالها فنزلت هذه الآية.
{{ نداء إلى المؤمنين }}
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا وصدقوا بالحق الذي جاءهم من عند الله، لا يحل لكم أن تأخذوا نساء موتاكم بطريق الإرث وهن كارهات لذلك أومكروهات عليه، لأن هذا الفعل من أفعال الجاهلية التي حرمها الإسلام لما فيها من ظلم للمرأة وإهانة لكرامتها.
وقد وجه سبحانه وتعالى النداء إلى المؤمنين فقال: “يا أيها الذين آمنوا” ليعم الخطاب جميع الأمة، فيأخذ كل مكلف فيها بحظه منه سواءأكان هذا المكلف من أولياء المرأة أم من الأزواج أم من الحكام أم من غيرهم. وفي مخاطبتهم بصفة الإيمان تحريك لحرارة العقيدة في قلوبهم، وتحريض لهم على الاستجابةإلى ما يقتضيه الإيمان من طاعة لشريعة الله تعالى.
وليس النهي في قوله سبحانه: “لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها” منصبا على إرث أموالهن كما هو المعتاد،وإنما النهي منصب على المرأة ذاتها كما كانوا يفعلون في الجاهلية.
وقوله سبحانه: “ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة” نهي آخرعن بعض الأعمال السيئة التي كان أهل الجاهلية يعاملون بها المرأة. أي: لا يحل لكمأن ترثوا النساء كرها، ولا يحل لكم أن تعضلوهن، ومعنى العضل: التضييق والحبس والمنع.. والمراد به هنا: منع المرأة من الزواج والتضييق عليها في ذلك، سواء أكان هذا المنع والتضييق من الزوج أم من غيره.