اهمية اسلوب الحوار داخل الاسرة:
--------------------------------------------------------------------------------
اسلوب الحوار، والصراحة داخل المحيط الأسري أمر في غاية الأهمية باعتبار الاسرة نقطة الانطلاق الأولى التي تعزز ثقة الفرد في التواصل مع الآخرين.. بل النواة الاساسية التي يتشكل فيها تعامل الفرد مع الغير.. واذا افتقد هذا الحوار مع اقرب الناس اليه فإنه من الصعب ان يجده لدى الآخرين.. واحياناً تتشكل المفاهيم الايجابية ووجهات النظر والآراء السديدة من خلال تبادل الآراء واحترام وجهات النظر داخل الأسرة الواحدة.. وسيادة مبدأ الاقناع بالحجة والمنطق.. وغياب وسائل القهر والإذلال وفرض الآراء بالقوة..
التحقيق التالي يغوص بنا في اعماق المشكلة لنتبين ابعادها وانعكاساتها ولبحث وسائل الحلول.
هناك مجتمعات تفتقد الحوار الأسري بل تحرمه بين الآباء والابناء، وكثير من الاسر يعاني ويلات هذا السلوك.. وحول انعدام الحوار في الاجواء الاسرية تقول الاخت «م.ص» ربة منزل لديها اربعة من الابناء «نعيش اجواء اسرية متوترة.. والقلاقل والمشاكل تحيط بحياتنا من كل جانب واحياناً تكون المشكلة اكبر من حجمها الطبيعي ومن سببها وفي اعتقادي يعود ذلك الى غياب اسلوب التفاهم والحوار والصراحة.. وكلما حاولت ان اناقش قضايا حياتنا بشيء من الوضوح مع زوجي اراه ينفعل ويتوتر متهماً اياي بالثرثرة.. فصرت افضل الصمت واكتفي بتربية ابنائي وادارة الاعمال المنزلية.. وكل ما يحس بما لايرضاه من تصرفاتي ينهال عليّ ضرباً لينفس عن غضبه.. ولا مجال هنا للمفاهمة او الحوار.
الأم الصديقة :
اما الدكتورة فريدة الحامد فترى ان الحوار يمثل عنصراً اساسياً من عناصر استقرار الاسرة وتماسكها، وركيزة لابد منها في التعامل الحضاري الذي يقود الى الحياة السعيدة.. واضافت.. لم يحالفني الحظ في زواجي الأول الذي انتهى بالطلاق وكان من ثماره «طفلة».. صارت اليوم في سن الزواج.. وتعيش حالياً في كنف أهلي مع العلم أنني متزوجة، وقد خصصت لها يوماً من كل اسبوع اقضيه معها.. وأبيت معها ليلة يسودها الحوار الصريح واعيش معها كل اهتماماتها وخواطرها.. واشاركها افكارها واتفحص مشاكلها بشيء من الشفافية.. وأقوم بتوجيهها حينما أحس انها في حاجة الى ذلك.. وأشيد بتصرفاتها السليمة وسلوكها السوي.. فاستطعت باسلوب الحوار والتفاهم ان اجعل منها صديقة وفية وصريحة معي لأبعد الحدود.. وتأخذ توجيهاتي ونصائحي باهتمام وحرص وهذا نتيجة الحوار والصراحة.
الحوار «دينمو» الصداقة :
البعض يعتبر الحوار وتبادل الآراء والصراحة من الاشياء التي تقوي العلاقات الاجتماعية سواء كانت الاسرية او الصداقات.. او روح الزمالة في العمل.. وفي هذا الصدد ترى المعلمة عالية سليمان ان اهمية الحوار لاتقتصر على الجو الاسري فحسب بل الأمر يشمل جميع نطاقات التعامل.. فالصداقات تتوطد وتقوى في ظل التفاهم والوضوح ومراعاة كل واحد لظروف الآخر.. وتتعزز الثقة بين كافة الاطراف أكثر فأكثر إذا سادت اجواء التفاهم حتى الطفل الصغير يثمر معه الحوار ويأتي بنتائج ايجابية يعكس اسلوب القسوة والضرب.
التأثير النفسي والاجتماعي :
لاشك ان اسلوب التفاهم يترك اثراً نفسياً ايجابياً بعكس اسلوب القهر والاذلال الذي يخلق آثاراً سيئة عن هذا الجانب يقول الاخصائي النفسي بندر خالد العتيبي: «الاثر النفسي للتعامل الاسري عميق جداً وتحضرني واقعة لأحد الاطفال اهانه والده امام الغرباء لسبب بسيط لايستحق حتى التوبيخ العادي.. حيث انسكب منه قليل من الشاي على الأرض، فثارت ثائرة الأب فشتم ابنه وصفعه امام الناس.. ولم تكن المرة الأولى.. فلاحظت الأم انكفاء الطفل في غرفته على البكاء والانزواء بعيداً عن الناس خاصة عندما يقوم احد الناس بزيارتهم وهذا نتيجة الاهانة التي تلقاها من والده والتي اشعرته بأنه حقير في نظر والده.
دوافع القهر :
ويواصل الاخصائي النفسي بندر العتيبي ان هذا السلوك السلبي يكمن وراءه جهل الوالدين بالأسس التربوية السليمة وقلة خبرتهم في التعامل مع الابناء، ونزعة تقليد الآباء في الاساليب التربوية.. واحياناً ينتج هذا التصرف نتيجة العصبية المفرطة او الانفعال الزائد، او بسبب بعض الأمراض المزمنة التي تدفعه لهذا السلوك.
وربما يكون الدافع هو العامل النفسي لدى الاب الذي يريد ان يظهر بمظهر القوة والحزم امام الآخرين لابراز ثقته بنفسه حتى يقتنع بأنه غير متهاون في الأمور التربوية.
اما الآثار السلبية لدى الطفل فهناك احتمال ان يتولد لدى الطفل نوع من الاحباط والكراهية والسخط والعدوان.. والبعض من الاطفال تجعله الاهانه شخصاً غير سوي يتصف بالتردد وعدم القدرة على التفاعل الاجتماعي مع الآخرين فيلجأ للانسحاب او الانطواء مما يجعله عديم الثقة بنفسه مستقبلاً.
الحلول المتاحة :
ولتجنب مخاطر هذه المشكلة لابد ان يتعود الوالدان على اسلوب هادئ للتعامل يتسم بالتفاهم وروح المحبة.. على ان يفهم الطفل ما هو صحيح فيتبعه وما هو غير مقبول ليجتنبه، ولابد ان يدرك الابوان ان الاهانة والتجريح لايصححان السلوك المعوج بل على العكس يؤسسان لسيادة السلوك المنحرف.. وليعلم الجميع ان اسلوب التوبيخ والاهانه يترك اثراً سيئاً على الطفل ويمكن معاقبته بحرمانه من الاشياء المرغوبة لديه وتفادي تقديم اية اهانه او توبيخ للاطفال وخصوصاً امام الآخرين فهم شباب المستقبل، فلنحرص على ان تكون حياتهم خالية من الرواسب السلبية.
تقول الاخصائية الاجتماعية عائشة القحطاني من المستشفى الوطني ان الحوار مهم وعنصر اساسي في التعامل، وقد لاحظنا السلبيات الناجمة عن غياب اسلوب الاقناع والحوار في الاجواء الاسرية، فالقرارات التي يتخذها الاب من جانب واحد وخاصة التي تتسم بالقسوة فلابد لها ان تترك اثراً سلبياً على الجميع، الابناء يشعرون بالقهر من اقرب الناس اليهم والزوجة تشعر بعدم وجودها.. وغيابها معنوياً وتصبح الحياة رتيبة كئيبة تفتقد التفاهم والتناصح والتشاور.. ويؤدي ذلك الى برود الحياة الزوجية دون ان تؤدي تلك القرارات القاسية الى ثمرة على الاطلاق.
حساسية مرحلة المراهقة :
ضمن هذه الاجواء تظل مرحلة المراهقة لها خصوصيتها، والابناء فيها يتأثرون اكثر من غيرهم.. هنا تطرقت الاخصائية عائشة القحطاني الى هذه المرحلة باعتبارها اخطر وأصعب مرحلة يمر بها الانسان في حياته.. ويحتاج فيها الابناء الى صداقة الابوين والاقتراب منهما وتحتاج المرحلة الى نشوء حوار وتفاهم بين الطرفين، وتقول عائشة في هذه المرحلة يكتشف الطفل اموراً جديدة في حياته تختلف عما كان يعرفه في طفولته تماماً.. ويحتاج كل من الشاب والشابة الى وقفة الأب والأم في هذه المرحلة الحساسة، موضحين لهم الكثير مما خفي عنهم في هذه المرحلة ويشرحان الحقائق الجسيمة والعقلية، وما يترتب على كل منهم عند بلوغ هذه السن حتى يتسنى للمراهقين مواجهة الامر بكثير من الوعي والادراك واستصحاب الحقائق، وليس هناك ما يدعو للخجل والشعور بالعيب عند التحدث عن هذه المرحلة.. فالتساؤلات والمخاوف التي يواجهها ويطرحها المراهق اذا لم تجد تفسيراً من داخل الاسرة فانها ستبحث عنه خارج نطاق الاسرة الأمر الذي يحمل معه الكثير من المخاطر والتهديدات، التي قد تخلف آثاراً لاتحمد عقباها.
نتائج القسوة :
قد يتعرض الابناء في بعض الاحيان الى مواقف حرجة امام الضيوف.. فمثلاً يتعرض الابن اذا اخطأ امام الناس للتوبيخ والاهانة.. او الفتاة اذا قدمت للضيفة مشروباً انسكب منه شيء.. فتنهال عليها عبارات الاهانة.. او حاولت ان تمازح احدى الحاضرات بكلمة او تبدي رأيها في شأن من الشوؤن تواجه بالسخرية أو النقد من والدتها.. فهذا دون شك يولد شعوراً بالاحباط وينشأ لديها مايسمى بالرهاب الاجتماعي.. فتخاف من مواجهة الضيوف تحسباً من تكرار ما حدث سابقاً مما اعتبره الوالدان خطأً وهو ليس كذلك، لتلجأ الى العزلة والانزواء وتتحاشى التواجد في اماكن التجمعات النسائية، والبعض تصاحبهن رعشة في الايدي لدى تواجدهن مع الأخريات.
تجنب الانحراف :
الحوار والتفاهم لابد ان يلازما علاقة الوالدين بابنائهم المراهقين خصوصاً وفي حالة وقوع احد الابناء في الخطأ فإن الحل المناسب هو التفاهم والقرب منه، واشعاره بان هذا السلوك خاطئ وان غايته السوء وعاقبته الهلاك وان السلوك الصحيح هو كذا وكذا.. والأم تحاول ان تفهم من ابنتها لماذا تصرفت هكذا؟ ومن كان وراء هذا التوجه.. وما الهدف؟ وما السبب.. وهل لصاحباتها دور في ذلك حتى تستطيع ان تبعدها عن صديقات السوء، وألا يقتصر قرب الأم من ابنتها على وقت وقوع الخطأ فحسب بل تكون معها بصفة مستمرة حتى تحس انها صديقتها وتأخذ كل ما يأتي من امها على انه هو الصواب وهو نابع من الحرص عليها وعلى مستقبلها، والثابت والمعروف ان القهر وغياب التفاهم والنصح يؤديان الى الانحراف.
وتضيف «الاخصائية» الاجتماعية عائشة القحطاني: «كثير من الامهات لايعترفن بأهمية الجلسة مع البنات ويتعذرن بأنهن لايجدن الوقت الكافي ويشغلن انفسهن بأمور غير ذات اهمية ويتركن الاهم وهو مستقبل الابناء، ومن هذا المنبر اوجه ندائي الى كل الآباء والامهات والمربين واناشدهم بالاهتمام بالابناء وخاصة من هم في سن المراهقة، وعدم تهميش دور عنصر الحوار والمناقشة سواء في امور الدين او الدنيا.. وسد الثغرات امام الابناء للبحث عن المشورة والحوار والتفاهم من خارج نطاق الأسرة.. حتى لايحصل الندم بعد فوات الأوان.. فالتقرب من الابناء من افضل الوسائل التربوية لتجنيبهم سبل المزالق.
__________________
منقول
--------------------------------------------------------------------------------
اسلوب الحوار، والصراحة داخل المحيط الأسري أمر في غاية الأهمية باعتبار الاسرة نقطة الانطلاق الأولى التي تعزز ثقة الفرد في التواصل مع الآخرين.. بل النواة الاساسية التي يتشكل فيها تعامل الفرد مع الغير.. واذا افتقد هذا الحوار مع اقرب الناس اليه فإنه من الصعب ان يجده لدى الآخرين.. واحياناً تتشكل المفاهيم الايجابية ووجهات النظر والآراء السديدة من خلال تبادل الآراء واحترام وجهات النظر داخل الأسرة الواحدة.. وسيادة مبدأ الاقناع بالحجة والمنطق.. وغياب وسائل القهر والإذلال وفرض الآراء بالقوة..
التحقيق التالي يغوص بنا في اعماق المشكلة لنتبين ابعادها وانعكاساتها ولبحث وسائل الحلول.
هناك مجتمعات تفتقد الحوار الأسري بل تحرمه بين الآباء والابناء، وكثير من الاسر يعاني ويلات هذا السلوك.. وحول انعدام الحوار في الاجواء الاسرية تقول الاخت «م.ص» ربة منزل لديها اربعة من الابناء «نعيش اجواء اسرية متوترة.. والقلاقل والمشاكل تحيط بحياتنا من كل جانب واحياناً تكون المشكلة اكبر من حجمها الطبيعي ومن سببها وفي اعتقادي يعود ذلك الى غياب اسلوب التفاهم والحوار والصراحة.. وكلما حاولت ان اناقش قضايا حياتنا بشيء من الوضوح مع زوجي اراه ينفعل ويتوتر متهماً اياي بالثرثرة.. فصرت افضل الصمت واكتفي بتربية ابنائي وادارة الاعمال المنزلية.. وكل ما يحس بما لايرضاه من تصرفاتي ينهال عليّ ضرباً لينفس عن غضبه.. ولا مجال هنا للمفاهمة او الحوار.
الأم الصديقة :
اما الدكتورة فريدة الحامد فترى ان الحوار يمثل عنصراً اساسياً من عناصر استقرار الاسرة وتماسكها، وركيزة لابد منها في التعامل الحضاري الذي يقود الى الحياة السعيدة.. واضافت.. لم يحالفني الحظ في زواجي الأول الذي انتهى بالطلاق وكان من ثماره «طفلة».. صارت اليوم في سن الزواج.. وتعيش حالياً في كنف أهلي مع العلم أنني متزوجة، وقد خصصت لها يوماً من كل اسبوع اقضيه معها.. وأبيت معها ليلة يسودها الحوار الصريح واعيش معها كل اهتماماتها وخواطرها.. واشاركها افكارها واتفحص مشاكلها بشيء من الشفافية.. وأقوم بتوجيهها حينما أحس انها في حاجة الى ذلك.. وأشيد بتصرفاتها السليمة وسلوكها السوي.. فاستطعت باسلوب الحوار والتفاهم ان اجعل منها صديقة وفية وصريحة معي لأبعد الحدود.. وتأخذ توجيهاتي ونصائحي باهتمام وحرص وهذا نتيجة الحوار والصراحة.
الحوار «دينمو» الصداقة :
البعض يعتبر الحوار وتبادل الآراء والصراحة من الاشياء التي تقوي العلاقات الاجتماعية سواء كانت الاسرية او الصداقات.. او روح الزمالة في العمل.. وفي هذا الصدد ترى المعلمة عالية سليمان ان اهمية الحوار لاتقتصر على الجو الاسري فحسب بل الأمر يشمل جميع نطاقات التعامل.. فالصداقات تتوطد وتقوى في ظل التفاهم والوضوح ومراعاة كل واحد لظروف الآخر.. وتتعزز الثقة بين كافة الاطراف أكثر فأكثر إذا سادت اجواء التفاهم حتى الطفل الصغير يثمر معه الحوار ويأتي بنتائج ايجابية يعكس اسلوب القسوة والضرب.
التأثير النفسي والاجتماعي :
لاشك ان اسلوب التفاهم يترك اثراً نفسياً ايجابياً بعكس اسلوب القهر والاذلال الذي يخلق آثاراً سيئة عن هذا الجانب يقول الاخصائي النفسي بندر خالد العتيبي: «الاثر النفسي للتعامل الاسري عميق جداً وتحضرني واقعة لأحد الاطفال اهانه والده امام الغرباء لسبب بسيط لايستحق حتى التوبيخ العادي.. حيث انسكب منه قليل من الشاي على الأرض، فثارت ثائرة الأب فشتم ابنه وصفعه امام الناس.. ولم تكن المرة الأولى.. فلاحظت الأم انكفاء الطفل في غرفته على البكاء والانزواء بعيداً عن الناس خاصة عندما يقوم احد الناس بزيارتهم وهذا نتيجة الاهانة التي تلقاها من والده والتي اشعرته بأنه حقير في نظر والده.
دوافع القهر :
ويواصل الاخصائي النفسي بندر العتيبي ان هذا السلوك السلبي يكمن وراءه جهل الوالدين بالأسس التربوية السليمة وقلة خبرتهم في التعامل مع الابناء، ونزعة تقليد الآباء في الاساليب التربوية.. واحياناً ينتج هذا التصرف نتيجة العصبية المفرطة او الانفعال الزائد، او بسبب بعض الأمراض المزمنة التي تدفعه لهذا السلوك.
وربما يكون الدافع هو العامل النفسي لدى الاب الذي يريد ان يظهر بمظهر القوة والحزم امام الآخرين لابراز ثقته بنفسه حتى يقتنع بأنه غير متهاون في الأمور التربوية.
اما الآثار السلبية لدى الطفل فهناك احتمال ان يتولد لدى الطفل نوع من الاحباط والكراهية والسخط والعدوان.. والبعض من الاطفال تجعله الاهانه شخصاً غير سوي يتصف بالتردد وعدم القدرة على التفاعل الاجتماعي مع الآخرين فيلجأ للانسحاب او الانطواء مما يجعله عديم الثقة بنفسه مستقبلاً.
الحلول المتاحة :
ولتجنب مخاطر هذه المشكلة لابد ان يتعود الوالدان على اسلوب هادئ للتعامل يتسم بالتفاهم وروح المحبة.. على ان يفهم الطفل ما هو صحيح فيتبعه وما هو غير مقبول ليجتنبه، ولابد ان يدرك الابوان ان الاهانة والتجريح لايصححان السلوك المعوج بل على العكس يؤسسان لسيادة السلوك المنحرف.. وليعلم الجميع ان اسلوب التوبيخ والاهانه يترك اثراً سيئاً على الطفل ويمكن معاقبته بحرمانه من الاشياء المرغوبة لديه وتفادي تقديم اية اهانه او توبيخ للاطفال وخصوصاً امام الآخرين فهم شباب المستقبل، فلنحرص على ان تكون حياتهم خالية من الرواسب السلبية.
تقول الاخصائية الاجتماعية عائشة القحطاني من المستشفى الوطني ان الحوار مهم وعنصر اساسي في التعامل، وقد لاحظنا السلبيات الناجمة عن غياب اسلوب الاقناع والحوار في الاجواء الاسرية، فالقرارات التي يتخذها الاب من جانب واحد وخاصة التي تتسم بالقسوة فلابد لها ان تترك اثراً سلبياً على الجميع، الابناء يشعرون بالقهر من اقرب الناس اليهم والزوجة تشعر بعدم وجودها.. وغيابها معنوياً وتصبح الحياة رتيبة كئيبة تفتقد التفاهم والتناصح والتشاور.. ويؤدي ذلك الى برود الحياة الزوجية دون ان تؤدي تلك القرارات القاسية الى ثمرة على الاطلاق.
حساسية مرحلة المراهقة :
ضمن هذه الاجواء تظل مرحلة المراهقة لها خصوصيتها، والابناء فيها يتأثرون اكثر من غيرهم.. هنا تطرقت الاخصائية عائشة القحطاني الى هذه المرحلة باعتبارها اخطر وأصعب مرحلة يمر بها الانسان في حياته.. ويحتاج فيها الابناء الى صداقة الابوين والاقتراب منهما وتحتاج المرحلة الى نشوء حوار وتفاهم بين الطرفين، وتقول عائشة في هذه المرحلة يكتشف الطفل اموراً جديدة في حياته تختلف عما كان يعرفه في طفولته تماماً.. ويحتاج كل من الشاب والشابة الى وقفة الأب والأم في هذه المرحلة الحساسة، موضحين لهم الكثير مما خفي عنهم في هذه المرحلة ويشرحان الحقائق الجسيمة والعقلية، وما يترتب على كل منهم عند بلوغ هذه السن حتى يتسنى للمراهقين مواجهة الامر بكثير من الوعي والادراك واستصحاب الحقائق، وليس هناك ما يدعو للخجل والشعور بالعيب عند التحدث عن هذه المرحلة.. فالتساؤلات والمخاوف التي يواجهها ويطرحها المراهق اذا لم تجد تفسيراً من داخل الاسرة فانها ستبحث عنه خارج نطاق الاسرة الأمر الذي يحمل معه الكثير من المخاطر والتهديدات، التي قد تخلف آثاراً لاتحمد عقباها.
نتائج القسوة :
قد يتعرض الابناء في بعض الاحيان الى مواقف حرجة امام الضيوف.. فمثلاً يتعرض الابن اذا اخطأ امام الناس للتوبيخ والاهانة.. او الفتاة اذا قدمت للضيفة مشروباً انسكب منه شيء.. فتنهال عليها عبارات الاهانة.. او حاولت ان تمازح احدى الحاضرات بكلمة او تبدي رأيها في شأن من الشوؤن تواجه بالسخرية أو النقد من والدتها.. فهذا دون شك يولد شعوراً بالاحباط وينشأ لديها مايسمى بالرهاب الاجتماعي.. فتخاف من مواجهة الضيوف تحسباً من تكرار ما حدث سابقاً مما اعتبره الوالدان خطأً وهو ليس كذلك، لتلجأ الى العزلة والانزواء وتتحاشى التواجد في اماكن التجمعات النسائية، والبعض تصاحبهن رعشة في الايدي لدى تواجدهن مع الأخريات.
تجنب الانحراف :
الحوار والتفاهم لابد ان يلازما علاقة الوالدين بابنائهم المراهقين خصوصاً وفي حالة وقوع احد الابناء في الخطأ فإن الحل المناسب هو التفاهم والقرب منه، واشعاره بان هذا السلوك خاطئ وان غايته السوء وعاقبته الهلاك وان السلوك الصحيح هو كذا وكذا.. والأم تحاول ان تفهم من ابنتها لماذا تصرفت هكذا؟ ومن كان وراء هذا التوجه.. وما الهدف؟ وما السبب.. وهل لصاحباتها دور في ذلك حتى تستطيع ان تبعدها عن صديقات السوء، وألا يقتصر قرب الأم من ابنتها على وقت وقوع الخطأ فحسب بل تكون معها بصفة مستمرة حتى تحس انها صديقتها وتأخذ كل ما يأتي من امها على انه هو الصواب وهو نابع من الحرص عليها وعلى مستقبلها، والثابت والمعروف ان القهر وغياب التفاهم والنصح يؤديان الى الانحراف.
وتضيف «الاخصائية» الاجتماعية عائشة القحطاني: «كثير من الامهات لايعترفن بأهمية الجلسة مع البنات ويتعذرن بأنهن لايجدن الوقت الكافي ويشغلن انفسهن بأمور غير ذات اهمية ويتركن الاهم وهو مستقبل الابناء، ومن هذا المنبر اوجه ندائي الى كل الآباء والامهات والمربين واناشدهم بالاهتمام بالابناء وخاصة من هم في سن المراهقة، وعدم تهميش دور عنصر الحوار والمناقشة سواء في امور الدين او الدنيا.. وسد الثغرات امام الابناء للبحث عن المشورة والحوار والتفاهم من خارج نطاق الأسرة.. حتى لايحصل الندم بعد فوات الأوان.. فالتقرب من الابناء من افضل الوسائل التربوية لتجنيبهم سبل المزالق.
__________________
منقول