بسم الله والصلاه والسلام على رسول الله السؤال: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته شيخنا الجليل ارجو منكم ايجاد حلا وردا سريعا لمشكلتى مع زوجتى فانها كثيرة الشك في الامس ذهب الى السوق واشتريت بعض الملابس لى ومنها لوالدتى وحينا رجعت للمنزل وعند تغيير ملابسى كانت فاتورة الشراء في جيبى فقمت بوضعها في فمى عندما نظرت لى زوجتى ومضغتها لكى لا ترا زوجتى ماذا اشتريت لوالدتى حيث انى لا اريده تعرف ماذا اشتريت لوالدتى مثل كل مره فهذه المره كانت نوع الهديه لوالدتى معرفه في الفاتوره فأصرت لمعرفة مافى الفاتوره وبدءت فى الحوار والمشاجره لمعرفة هذا الشى وانا اصريت بعدم اخبارها به واتلفت الفاتوره وبعد ذلك قلت لها بالحقيقه فأنى اشتريت هديه لوالدتى فلم تصدف فأرسلت ابنها لكى يبحث في السياره فلم يجد شيى بها ومع العلم بعد اعترافى لها بشراء هديه للوالده وعدتها بأحذار فاتوره بدل فاقد من المحل لكى يطمأن قلبها وتذهب ايضا للوالده وتري الهديه : الأن فضيلة الشيخ ماذا اتصرف معها مقابل هذا التصرف الذى صدر منها وامام ابناءها وبماذا اجازيها وهل هي على حق ام انا فقط اريد حلا وكلمة نصح لمن هو علي خطأ . وجزاكم الله خيرا. الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله. ماذكرته من سلوك وتصرف لزوجتك هو تصرف خاطئ منها ويدل على أنها مبتلاة بمرض الشك الذي حرمه الله عز وجل ونهى عنه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا) متفق عليه. إن شك أحد الزوجين في الآخر صورة من صور الظلم والإيذاء للمسلم. والشك يصدر غالبا من إنسان لديه ضعف في الإيمان وقد يكون ناشئا عن تردد في النفس وضعف في جانب منها وعدم استقرار نفسي وكذلك هو سلوك يعكس عدم الشعور بالأمان والاطمئنان وهذا السبب له روافد وخلفيات كثيرة منها ثقافة هذا الشخص ومنها الوسط المحيط به ومنها مواقف تعرض لها في الصغر وغير ذلك من العوامل المؤثرة في تكوين الشك لدى هذه الشخصية ومن أخطرها المسلسلات الخبيثة التي تروج خيانة الأزواج والزوجات في المجتمع المسلم. إن الشك بين الزوجين من أشد صور الشك وله آثار ونتائج سيئة تؤرق الزوجين وتجعل حياتهم في جحيم لا يطاق وتوقعهم في إساءة الظن واتهام الطرف الثاني بالخيانة والفاحشة والعياذ بالله وتدخل الشكاك في دوامة وبحر من الهموم والظنون لا تهنأ له حياة ولا يسعد بنعيم فهو يعيش في عذاب دائم وشبح مخيف يطارده ليلا نهارا ويزداد هذا الشعور يوما بعد يوم حتى يحمله على الفرار من هذا العار المتوهم بالطلاق والفراق. إن إظهار الشك أمام الأولاد له أثر سيئ على نفسيتهم ويجعلهم يعيشون صراعا مرا في إساءة الظن بأحد والديهم ويبقى هذا الأثر طويلا في نفوسهم مما يصيبهم بعقد نفسية في الكبر وبالتالي ينعكس هذا على سلوكهم وتعاملهم مع الآخرين في حياتهم الإجتماعية. إن المرأة الشكاكة في زوجها تعيش في عذاب مع ضميرها الظالم وهي تهدم بيتها بنفسها وبسلوكها وقد تحمل الرجل على ارتكاب الخيانة وهي أداة سهلة لشائعات النساء المغرضة التي هدفها التفريق بين الأزواج. وإن الرجل الشكاك في عرض زوجته من غير بينة ولا شبهة قوية ظالم في نظرته إليها وإلى أبنائه ساع إلى ضياع أسرته والعياذ بالله متعرض لسخط الله وعذابه. إن أهم عنصر للسعادة بين الزوجين هو الرضا بينهما والثقة المعقولة والأمان مما يجعل كلا الزوجين يزاول حياته الوظيفية والعادية بثقة واطمئنان دون شك ولا ظنون سيئة فتخرج المرأة من بيتها متحشمة عفيفة وزوجها واثق بها ويغيب الرجل عن بيته وهي واثقة به حافظة عهد الله في عرضها وماله وولده. إن الواجب على الزوجين كليهما التقوى والورع عن إطلاق الظن الكاذب والشك في الطرف الثاني وإحسان الظن به والتماس العذر له وحمل المواقف على محامل حسنة وعدم الالتفات إلى كلام الآخرين وشائعاتهم وينبغي أن يكذب الانسان نفسه حتى يرى أمرا ظاهرا بعينه لا يمكن دفعه فحينئذ يتخذ الطريق الشرعي لمعالجة المشكلة. إن المرأة ليس لها ولاية على الرجل تتجسس عليه وتطارده وتتحكم بسلوكه وتراقبه فالرجل الأبي له عزة وكرامة يأبى أن تسيطر عليه إمرأة وتقرر مصيره وتجعله في قلق وخوف يخفى عنها تصرفاته المباحة. فيتبغي على المرأة العاقلة الصالحة أن تحسن الظن بزوجها وتكل أمره إلى الله وتتغافل ولا تتدخل فيما لا يعنيها إلا إذا قصر الزوج بحقوقها أو أدخل عليها ضررا في دينها أو معيشتها. يامن تشك في زوجتك ويامن تشكين في زوجك أين تذهبون يوم القيامة حين يكون الله خصيمكم ويحاجكم ويسألكم بأي دليل رميمتم مسلما واتهمتم فياله من موقف عظيم حالته الندم وهيئته الحسرة ووضعه الرهبة والهلع والعياذ بالله. أما علاج الشك الذي يقع بين الزوجين: أولا: تخويف الشكاك بالله وتذكيره بعظم الموقف والمسائلة في الآخرة قال تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا). ثانيا: بيان حكم الشك وأنه محرم لا يجوز للمسلم أن يفعله بلا موجب شرعي. قال تعالى: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ). ثالثا: البحث والمكاشفة لمن واقع في الشك والحرص أولا على إقراره واعترافه بحصول الشك منه ثم مسائلته كثيرا عن الأسباب التي جعلته بتصرف بهذا السلوك ثم تحليل الأسباب وتفنيدها. رابعا: بيان أن الشك مظهر سلبي نفسي وأنه ناشئ عن خلل وضعف في الشخصية النفسية ومحاولة التأهيل والإصلاح والتخلص من الشك عن طريق القراءة والحوار والإقناع. خامسا: إقناع الشكاك بخطر الشك وكثرة مفاسده وأنه لا فائدة منه ولا يغير شيئا في الواقع بل يجعل العلاقة متوترة بين الزوجين وتنتهي بالانفصال غالبا وشتات الأسرة. سادسا: يقال للشكاك تصور وتأمل أن الشك واقع عليك وأنك خائن وأنت بريء من هذه التهمة فما هو موقفك وما هي حالك مع نفسك ونظرة الآخرين إليك. سابعا: قراءة حديث الإفك في الفتنة العظيمة وشرح القصة وتحليلها واستنباط الفوائد والعبر منها وبيان الألم النفسي الكبير الذي وقع على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من جراء الشك والظن الباطل في اتهامها شرفها الله وبيان موقف الشرع في المنع من الظن بالمسلم وتحريم الشك وتعظيم حرمة عرض المسلم وصيانته وعدم اتهامه وقذفه إلا ببينة صريحة. والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. خالد بن سعود البليهد عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة |
منقول